الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية وليد زروق في حوار خاص: كيف نتحدّث عن استقـرار أمنـي والبلاد فيها 6 ملايين قطعة سلاح؟

نشر في  23 ديسمبر 2015  (11:04)

كيف نتحدّث عن استقـرار أمنـي والبلاد فيها 6 ملايين قطعة سلاح؟
هذا فحوى الفيديو الخطير الذي ســــــلّــمــتــه لــمـعـز بـن غـربـيـة
المدير العام السابق للسجون فضح البحيري واعترف بتدخل النهضة في هذه الانتدابات.. وهنالك قيادات أمنية مبـايعـة لتنظـيـم القاعــدة

 غادر مؤخرا النقابي الأمني السابق ورئيس جمعية مراقب وليد زروق السجن بعد أن حكم عليه بثلاثة أشهر سجنا على خلفية شكاية رفعها ضدّه الناطق الرسمي السابق باسم النيابة العمومية بناء على تدوينة فايسبوكية  تهجّم خلالها زروق عليه، لتتدخل النيابة العمومية وتصدر بطاقة ايداع بالسجن في حقه ...
أخبار الجمهورية التقت بوليد زروق اثر مغادرته السجن وكان لنا معه حوار مطوّل حول فترة سجنه، وموقفه من عديد الملفات الأمنية، كما كشف لنا رئيس جمعية مراقب عديد الحقائق الصادمة حول الارهاب والتعيينات ومسائل أخرى متصلة ندعوكم للاطلاع عليها ..

غادرت مؤخرا السجن بعد قضية رفعت ضدّك بسبب تدوينة فايسبوكية، فبماذا تصف ما مررت به؟
ما يؤسفني فعلا هو أنه وقعت معاقبتي وسلب حريتي على خلفية تدوينة فايسبوكية تحدثت فيها عن القضاء وتحديدا عن النائب السابق للنيابة العمومية وانتقدته فيها، ليتحرك هذا الأخير بسرعة وأجد نفسي وراء القضبان، ولعل ما استخلصته من تجرتي الخاصة هو أن السياسة التي تنتهجها النيابة العمومية أحيانا تتمثل في المقام الأول في الجام الأفواه .

لكنه وقع اتهامك بكونك تقف وراء حملة « وينو سفيان» التي تستهدف النائب السابق للنيابة العمومية ؟
هذا غير صحيح، فعند اطلاق هذه الحملة كنت رهن الايقاف على خلفية قضية كان قد رفعها ضدّي المدوّن ماهر زيد، وهنا أشير الى أني تمكنت من الحصول على كشف لمكالمات هاتفية جمعت هذا الأخير بالشاكي، وفهمت من خلال ما جاء في عمليات التنصّت أنه سيتم تتبعي قضائيا وكان ذلك شهرا قبل عملية ايقافي، ولذلك طالبت أثناء التحقيق معي بإذن قضائي قصد توفير ملف تنصت للمكالمات الهاتفية، لكنه تم رفض مطلبي، كما أن النسخة التي قدمتها والتي تحتوي على فحوى هذه المكالمات سحبت من الملف لأنها مسرّبة وغير قانونية.
 شخصيا أصف ما تعرضت اليه بالمهزلة، فأنا حرمت من أدنى حقوقي ألا وهو الاستئناف، كما أن ملفي كان فارغا ومن سهر عليه كان غبيّا الى أبعد الحدود، وهنا أشير الى أني احترم قضاة بن علي لشيء وحيد وهو أنهم كانوا يجيدون تكوين الملفات ضدّ خصوم النظام وليس كما حصل معي، ولعلمكم لقد أثارت النيابة العمومية اثر الافراج عني 13 قضية ضدّي على خلفية تدوينات فايسبوكية لذلك انتظروا مزيدا من المهازل .

لماذا كل هذا التشكيك في مصداقية النيابة العومية؟
أقول ان النيابة العمومية فتحت بحثا على خلفية المسّ من ذات ناطقها الرسمي السابق عبر تدوينة فايسبوكية ولم تعر حديثي عن تورط قيادات أمنية في الارهاب ومبايعتها لتنظيم القاعدة أدنى اهتمام... بصراحة نحن نعيش في دولة الكوميك .

تحدثت عن عديد التجاوزات فهل من أمثلة؟
 نجد محامين بايعوا تنظيم داعش وأعلنوا عن ذلك عبر صفحات التواصل الاجتماعي، وفيهم من ترحم على الارهابيين لكن النيابة العمومية لم تتحرك كذلك .
من جهة أخرى أتحدى من يكذّب أنه تم نقل مساعد وكيل عام بمحكمة الاستئناف بتونس الى منوبة لأنه كشف وجود محام على علم مسبق بالأحداث الارهابية التي عاشتها باردو، لقد كان لمساعد الوكيل العام الجرأة لكشف هذا المحامي لكن وللأسف تم اسكاته ..
جميعكم يتذكر ذلك المهرب الكبير الذي إنتحر برصاصة إثر مداهمة أمنية في الجنوب، أنا أدعو النيابة الى فتح ملف هذا الأخير ومدنا بكشف للمكالمات الصادرة والواردة عليه، صدقا لو فتح هذا الملف ستكتشفون تورّط جهات سياسية وأمنية .
لقد بات المرفق القضائي والأمني على حد سواء مرتعا للأحزاب السياسية معارضة وحكومة، وهنا أحمل مسؤولية كل ما يحصل الى كل من وزير الداخلية الأسبق علي العريض ووزير العدل السابق نور الدين البحيري اللذين تمكنا من خلق عصابات تتستر على الارهابيين بالمرفقين الأمني والقضائي، مع عدم التعميم بطبيعة الحال فالشرفاء يمثلون الأغلبية مقارنة بهذه الشريحة الشاذة.

أشرت الى تحول المرفقين القضائي والأمني الى مرتع للارهابيين فهل من تفسير، وما الذي دفعك لقول هذا الكلام؟
هناك قيادات أمنية مبايعة لتنظيم القاعدة في المغرب الاسلامي، وقد تم القبض عليهم سنة 2007 في اطار عمل استخباراتي بين تونس والجزائر لكن وبعد الثورة تمتع هؤلاء بالعفو التشريعي العام وذلك خلال فترة اشراف فرحات الراجحي على وزارة الداخلية، والأخطر من كل هذا أنه تم تعيينهم وبقرارات سياسية صلب الادارة العامة للسجون والاصلاح وضمن الأسلاك الأمنية المختلفة، ورغم كون هؤلاء يشكلون خطرا كبيرا على أمن البلاد، فان النيابة العمومية تتحرك ضدّ كل من يحاول التطرق الى هذا الموضوع.
ومن التجاوزات الخطيرة الأخرى التي تم السكوت عنها وثيقة اغتيال البراهمي، التي حاولت بعض الجهات اخفاءها ولولا تسريبها لما افتضح الأمر، ولمعلوماتكم هناك وثيقة أخرى سبقت هذه الوثيقة تم تسليمها لوزارة الداخلية قبل 6 أشهر وتتحدث عن اغتيال كل من أحمد الخصخوصي ومحمد البراهمي ثم تلقت الوزارة الوثيقة الثانية التي تخص الشهيد البراهمي وكانت عبارة عن تذكير بالأولى، لكن وللأسف تم طمس هذه الحقائق ولم تقتح النيابة تحقيقا جديا في الملف، وشخصيا يشرفني أن أكون مسرّب الوثيقة.

هل تقر بأنك من سرّب وثيقة الشهيد البراهمي؟
ما أؤكده أن هذه الوثيقة وصلتني وأنا على علم بهوية الأطراف التي سربتها، إن الإشكال لا يكمن في من سرّب الوثيقة بل في سياسة الافلات من العقاب والمحاسبة .

وكأن السجن لم يثن من عزيمتك، فهل يحرّكك التحدي أم الانتقام؟
لقد كان هدفهم الأساسي اسكاتي وهو ما لم يحصل لأني وببساطة مقتنع بقضيتي وبضرورة محاربة رموز الفساد وعلى علم بأن الطريق طويلة لكن ما أؤكده لكل من يحاول الجام صوتي هو أن نفسي طويل جدا.

ما حكاية التسجيل الخطير الذي سلمته الى معز بن غربية؟
سبق أن التقيت بمعز بن غربية بطلب منه، وأثناء اللقاء إتصل بي المدير العام السابق للسجون والاصلاح، لأفاجأ وعلى اثر انهائي المكالمة ببن غربية يقترح عليّ تسجيل لقاء مع المدير المذكور بواسطة كاميرا خفية قصد تمريره آنذاك ضمن برنامج «التاسعة مساء» في حصة خاصة بالسجون وما تشهده من تجاوزات، وكان الأمر كذلك حيث وافقت على طلبه وقمت بتسجيل حوار المدير السابق الذي اعترف في التسجيل بعديد الحقائق الصادمة منها كشفه للأخطاء الجسيمة التي ارتكبها وزير العدل السابق نور الدين البحيري، اضافة الى كشفه لاغراق سجن المرناقية بالمخدرات، وكيف تحوّل هذا السجن الى فضاء لتفريخ الارهابيين، كما اعترف بتدخل النهضة في الانتدابات بالادارة العامة للسجون والاصلاح، منها انتداب من حرق مقام السيدة المنوبية ابان الثورة كعون سجون.. كل هذه الحقائق وغيرها سلّمت الى بن غربية الذي رفض فيما بعد تمريرها، كما رفض مدّي بنسخة من التسجيل والأدهى أنه لم يعد يجيب على مكالماتي الهاتفية المتكررة له.

لاحظنا أنك من الداعين الى الغاء الفصل 52 المتعلق بالزطلة؟
ما يثير فعلا الاستغراب في هذا القانون أنه لا يطبق سوى على التلاميذ والشباب في حين لا نستمع اطلاقا لأخبار من قبيل الاطاحة بمافيا لتهريب المخدرات أو مسك عصابة بحوزتها 500 كغ من الزطلة، كل ما نستمع اليه هو القاء القبض على شباب من أجل استهلاك الزطلة، أو الحكم على مروّج، في حين لا تتم متابعة أباطرة هذا القطاع ومن يوفر هذه المادة ويغرق بها  الأسواق.. للأسف الأباطرة معروفون من قبل الجميع من الوزير الى القيادات الأمنية لكن هؤلاء فوق القانون نظرا لعلاقاتهم الكبيرة مع جهات عليا في الدولة.

من  يحكم تونس؟
المافيات.. المافيات التي موّلت الأحزاب والمتمكنة من كل مفاصل الدولة ومن الملفات الحارقة كملف التعيينات، كما أن رجال أعمال وأشباه سياسية على علاقة بهذه المافيات.

ماهو تعليقك حول التعيينات الأخيرة صلب وزارة الداخلية؟
لا يمكنني التشكيك في كفاءة هذه القيادات وفي هذه القرارات على غرار قرار تعيين عماد عاشور مديرا عاما للمصالح المختصة أو عبد الرحمان الحاج علي كمدير عام للأمن الوطني، لكن ما يخيفني فعلا هو عدم توفر الارادة الكافية لتطهير وزارة الداخلية من المتسترين على الارهاب والمتورطين فيه، كما أخشى أن تتم التضحية بمن وقع تعيينهم مؤخرا وجعلهم أكباش فداء في أول عملية ارهابية قادمة، إن تنحية رفيق الشلي لم تكن لاعادة هيكلة الوزارة كما ذكر ذلك رئيس الحكومة بل كان على خلفية تواتر العمليات الارهابية من باردو الى سوسة الى محمد الخامس وقد تم تم الاستغناء عن الشلّي وغيره من القيادات على أساس أنهم الفريق الخاسر وهذا غير صحيح .
للأسف تقتصر القرارات السياسية على تغيير القيادات داخل وزارة الداخلية، وليس بمثل هذه القرارات سنقاوم الارهاب، ففي كل عملية ارهابية يتم خلق أكباش فداء.

ماهو المطلوب من القيادات الامنية المعيّنة حديثا؟
الجرأة في فتح الملفات الحارقة وفضح كل التجاوزات وعدم الرضوخ لمحاولات الجام أفواههم.

كيف تلخص الوضع الأمني في البلاد؟
صدقا لا يمكننا الحديث عن استقرار أمني والبلاد بها 6 ملايين قطعة سلاح وهذا الرقم رسمي، وما تم كشفه مؤخرا  لا يعدّ شيئا، فالسلاح دخل بلادنا ضمن عمليات منظمة تقف وراءها مخابرات دولية..
ان المطلوب اليوم توفر ارادة قوية وقرارات جريئة لمحاربة الارهاب وأقول أمرا آخر على مسؤوليتي ويتمثل في اعلان مناطق داخل العاصمة كمناطق عسكرية مغلقة على غرار حي التضامن والمنيهلة ورواد ولي أسبابي لقول مثل هذا الكلام..
ختاما أقول أنّ ما يقال لكم حول وجود 3 آلاف ارهابي تونسي في سوريا غير صحيح لأن العدد أكبر من ذلك بكثير، وان التسفير والمساعدة عليه تقف وراءه شركة طيران تونسية وشركات طيران دولية اضافة الى أعوان أمن وخاصة من يسهلون تسليم هذه العناصر جوازات سفر .. ان الدولة التونسية تعتمد سياسة خاطئة في مكافحة الارهاب ألا وهي تحطيم البيض الفاسد عوض قتل الدجاجة التي تبيضه.

حاورته سناء الماجري